كشفت دراسة أقدمت على إنجازها وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني، عن غياب رؤية للتعليم الأولي وعدم وجود منهاج مبني على مبادئ وقيم واضحة، فضلا عن تراجعات « كبيرة » في معدل التحاق الأطفال، وهيمنة القطاع الخاص على العمومي، فيما أعلنت الوزارة أنها بصدد إعداد استراتيجية شاملة للنهوض بالقطاع ستكون « وثيقة جامعة ».
الدراسة التي أنجزت بطلب من الوزارة التي يرأسها رشيد بلمختار، وتعاون مع منظمة اليونيسيف، وأعلن عن نتائجها اليوم بالرباط، توقفت عند وجود تفاوتات كبيرة في الخريطة الحالية للتعليم الأولي بالمغرب، حيث طغت عليها لغة « التراجعات الكبيرة » و »المعوقات » « والتفاوتات » و »التباينات »، فيما تم الاعتماد على تجارب دولية في قطاع التعليم ما قبل المدرسي، بغرض الوقوف عند تشخيص وتقييم الوضع الراهن للتعليم الأولي.
وسجلت الدراسة هيمنة القطاع الخاص على حساب العمومي « الذي لا يزال محدودا »، إلا أنها أشارت بكون نماذج التعليم الأولي التي تؤطر خارج وصاية القطاعات الحكومية « شكلت إضافة نوعية »، و »تقدم أمثلة جديرة بالمتابعة والاستئناس عند بناء أي مشروع يروم التطوير والتعميم ».
وأشارت الدراسة إلى وجود تفاوتات كبيرة في الخريطة الحالية للتعليم الأولي، على مستوى الأعداد بين القطاع التقليدي المهيمن والقطاع العصري، وعلى مستوى الانتشار بين الجهات والأقاليم وحتى الجنسين، فيما تم تسجيل تراجعات « كبيرة » من سنة إلى أخرى، في معدل الالتحاق، وفي مجال نسب ومعدلات التأطير، وكثرة المتدخلين الذين يشتغلون بكيفية معزولة، « بسبب غياب التنسيق ».
بِلُغة الأرقام، بينت الدراسة أن التعليم الأولي التقليدي يهيمن بمعدل يساوي 80.4 ٪ من حيث بنيات الاستقبال، في حين يسجل التعليم الأولي العصري 10٪ فقط ، فيما لا تتعدى نسبة التعليم الأولي العمومي 9.6٪، وهو ما يفسر أن التعليم الأولي التقليدي « يبقى الأكثر ارتيادا من قبل الأسر على اعتبار أنه يناسب قدرتها الشرائية »،.
ونبهت الوثيقة إلى كون 40% من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 4 – 5 سنوات، (حوالي 458 ألف طفل) لا يلجون إلى حد الآن أية مؤسسة للتعليم الأولي، وفق إحصائية للموسم الماضي، مسجلة عجزا واضحا في المناطق القروية بمعدل التحاق لا يتعدى 39.4 ٪، ولا تتجاوز هذه النسبة 25.5 ٪ للبنات بنفس الوسط.
ومن العوامل التي قالت الدراسة إنها تعوق إرساء تعليم أولي « معمم وذي جودة »، ذكرت « غياب رؤية للتعليم الأولي » و »عدم وجود منهاج مبني على أساس مبادئ واضحة وقيم تربوية مناسبة لهؤلاء الأطفال »، و »عدم انتظام مصادر التمويل »، و »ضعف تكوين المربين » و »غياب الفاعلين والشركاء في مجال التعليم الأولي بالوسط القروي الصعب »، فضلا « عن غياب حملات هادفة للتعبئة والتحسيس بأهمية مرحلة ما قبل التمدرس ».
وخلصت الدراسة التي قدمت نتائجها اليوم أمام أنظار المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، والمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، وممثلين عن البنك الدولي والاتحاد الأوروبي وبعض الشركاء، إلى اعتبار الوثيقة أرضية لإعداد استراتيجية شاملة ومندمجة من أجل النهوض بالتعليم الأولي، على أن تصبح « وثيقة جامعة وموجهة »، مشيرة أن الاستراتجية ستكون هدفا لتعميم تعليم أولي يساهم في النجاح المدرسي والاجتماعي والحد من أعداد الخريجين العاطلين.
عن موقع: هسبريس