دعَا وزيرُ التربيَة الوطنيَّة، رشيد بلمختار، إلى إعَادة النظر في المنظومَة التربويَّة في المغرب، في معرضِ مداخلته صباح اليوم، بالندوة الدوليَّة حول التعليم الرقمِي، لافتًا إلى أنَّ ما يعانِيه التعلِيم من مشاكل في الوقت الراهن، يفرضُ الاستعانَة بالتكنلوجيا، التِي تبقَى وإنْ جرى توظيفها في المؤسسات المغربيَّة، منذ عدَّة سنوات، عاملًا مساعدًا، أكثر ممَّا هيَ مدمجَة بشكلٍ كامل، وذلك وفقَ مقاربَة مختلفة، تجعلهَا مضاهيَة للدور التقليدي الذِي ألفَ المدرسُون كمَا الآباء الاضطلاع به. على اعتبار أنَّهُ لمْ يعد من الممكن المضيُّ قدمًا، في السياق العالمِي دون إدماجٍ أمثل للتكنلوجيا وتقنياتها في مؤسسات التعليم بالمملكة.
الوزيرُ أردفَ إبان اللقاء الذِي تنظمه مؤسسة زاكورة للتربيَة في الدار البيضاء، على مدى يومين، أنَّ الرهان على التكنلوجيا في المدرسة المغربيَّة يصبُو إلى تحقيق أهدافٍ مسطرة شأنه أيِّ برنامج، جاعلًا من تطوير عقول الأطفال لدى التمدرس أحد أبرز الأهداف المرجوَّة، من أجل تنمية الذكاء والقدرات لدى التلاميذ، فيما لم تفتأ العلوم العصبية تتقدم في السنوات الأخيرة.
ووفقًا للوزير بلمختار، فإنَّ ثمَّة جوانب كثيرة يمكنُ الاعتماد فيها على التكنلوجيا، مثل تقديمها بتقنياتها معطياتٍ كثيرة حول المناطق المسئولة عن التفكير والنطق وغير ذلك، مشددًا على أهميَّة جعلِ الطفل مركزًا للتغيير، بيدَ أنَّ بلمختار راى ضرورةً لأنْ تدخلَ التكنلوجيَا المدارس المغربيَّة في صورةٍ متأقلمَة مع السياق الجغرافِي والأسري والاجتماعي للطفل، بالنظر إلى التفاوت الموجود بين الوسط الحضري والعالم القروي، وبين جهات المملكة.
ولدَى حديثه عنْ الجانب النفسي، استعانَ بلمختار بالمدرسة النفسية، ومقولةٍ لجون بياجي، للتدليل على قيمة حفز التلميذ على الاكتشاف، بقوله إنَّ تلقينَ الشيء إلى التلميذ أمرٌ يحرمهُ مستقبلًا من اكتشافه وقدْ بات مكتسبًا وجاهزًا.
وشددَ المتحدث على أنَّ ما يقتلُ جودة التعليم هُو عدمُ السماح للأطفال بالمضيِّ إلى أبعدِ مدًى في العمليات العقليَّة؛ بما فيها من ملاحظةٍ واستنتاجٍ وتحليل، بعيدًا عن التلقين المباشر. « الإشكالُ هوَ أننَا نفرضُ برامج على الأطفال، في حين يلزمنَا أنْ نخلقَ فضولًا لدى الطفل ونجعلهُ فضوليًّا قدر الإمكان، يقبل بنهمٍ كبير على التساؤل »، إذْ ذاكَ يصبحُ الطفل فاعلا، حسب بلمختار.
وتابعَ المتحدث ذاته أنَّ الفضول عاملٌ جوهري في تطوير بعض المهارات الأساسية لدى التلميذ، لكونها ترافقه طيلة الحياة، سواء تعلقَ الأمر بالملاحظة أو التحليل والتأويل وتقدير الأمور عبر إيجاد أجوبة للأسئلة، والاستنتاج.
الوزيرُ بلمختار اعتبر النجاح في تلك العمليات فضلًا عنْ التمكين ببناء الفرضيات، والقدرة على الخلق، أمرًا من شأنه جعل الطريق سالكًا نحو التغيير، وتأهيل التلامِيذ للاكتساب بأنفسهم دون أنْ يكون رهينةً للجاهز.
ولمباشرة التغيير، رأى بلمختار ضرورةً لتدارك ما اعتبرهُ « فقرًا لغويًّا »، يلاحظُ اليوم، فيمَا يسمحُ الثراء اللغوِي، ببناء عدة صور في الأذهان ترافقُ المعانِي، على نحوٍ تضحِي السعة اللغويَّة مرادفة لمقدراتٍ أكبر، في البناء والتحليل لدى التلميذ المغربِي، المقبل على سوقٍ للشغلُ يختلفُ على ما كانَ عليه المجالُ بالأمس.
عن موقع هسبريس