أكدت السيدة جميلة المصلي الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر يوم الجمعة (25 دجنبر 2015) بالإسكندرية، أن مسلسل الجهوية المتقدمة الذي يعمل المغرب على تنزيله يقتضي أن يستجيب التكوين الجامعي والعرض البيداغوجي لمقتضيات هذه الجهوية.
وقالت السيدة الوزيرة في تصريح على هامش المؤتمر الـ 15 لوزراء التعليم العالي والبحث العلمي في الوطن العربي، أن التجربة المغربية في مجال التعليم العالي والبحث العلمي هي تجربة ناجحة بالرغم من الاكراهات التي تعترضها كغيرها من التجارب الدولية الأخرى.
وأشارت إلى أن من بين هذه الاكراهات هناك تنامي الإقبال على الجامعات الذي « يطرح إشكالية الجامعات ذات الإقبال المفتوح والرفع من نسب التأطير »، فضلا عن « إشكالية حتمية استجابة العرض التربوي والبيداغوجي للتحولات الاجتماعية والاقتصادية ».
وأضافت الوزيرة أنه لا يمكن الحديث عن جودة التعليم العالي وتطوير هذه المنظومة التربوية في غياب الاهتمام بقضايا التمويل، الذي هو الموضوع الأساسي لهذا المؤتمر الذي يبحث تعزيز المشاركة المجتمعية في تمويل التعليم العالي، وذلك بالنظر إلى نسب الإقبال المرتفعة على هذا النوع من التكوين.
وذكرت في هذا الصدد بأن أغلب الدساتير العربية تنص على الحق في التعليم ومجانيته وتكافؤ الفرص في الولوج إلى التعليم، ولذلك باتت الحاجة ملحة إلى رؤية جديدة من أجل التفكير في تنويع مصادر التمويل لضمان استمرارية البحث العلمي في مختلف المجالات مع توفير الجودة، حتى يكون التعليم العالي في الوطن العربي برمته في مستوى التطلعات.
وقالت السيدة المصلي بخصوص تجربة المغرب، إن ميزانيات الحكومات مهما تم الرفع من قيمتها، لن تستطيع مستقبلا أن تستجيب للطلب المتزايد على التعليم العالي في الجامعات والمعاهد العليا، ولذلك تم الإقدام على إحداث الجامعات في إطار الشراكة.
وأكدت أن هذه الشراكة تتيح للجامعات الاستفادة من دعم الدولة مع ضمان الاستمرارية بموارد إضافية، وتساهم في توفير تخصصات جديدة، وبالتالي الحد من هجرة الطلبة المغاربة إلى الخارج لاستكمال تعليمهم العالي ، مشيرة إلى أن المغرب يتوفر الآن على خمس مؤسسات من هذا النوع.
وأضافت أن تجربة المغرب في القطاع تجربة مهمة لكنها تحتاج إلى تطوير أكبر، موضحة أن الجماعات والجهات مدعوة هي أيضا، في إطار الجهوية المتقدمة، إلى عقد شراكات مع الجامعات بعيدا عن منطق الإعانات كما كان عليه الأمر في السابق، حتى تتمكن هذه الجامعات من الاستفادة من الإمكانات المادية واللوجيستيكية فيما تستفيد الجهات في المقابل من الكفاءات التي ستتخرج من هذه المؤسسات التعليمية.
ومن جهة أخرى، قالت السيدة المصلي إن المؤتمر ركز خلال جلساته على مصادر تمويل التعليم العالي، إلى جانب قضايا من قبيل الوقف للبحث العلمي والقطاع الخاص، الذي لايزال دوره متواضع جدا، في الوقت الذي يجب أن يكون فيه شريكا أساسيا للنهوض بالتعليم العالي وألا تكون مساهمته موسمية بل مساهمة مؤسساتية مستمرة.
يذكر أن المؤتمر الذي احتضنه الأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري (إحدى المنظمات المتخصصة التابعة لجامعة الدول العربية)، تناول على مدى يومين، بتنسيق مع المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) والأمانة العامة للجامعة، التجارب العربية والعالمية الرائدة في تمويل التعليم العالي ومدى الاستفادة منها، واقتراح صيغة مشتركة بين الدول العربية لتمويل هذا التعليم، وتعزيز المشاركة المجتمعية في تمويل التعليم العالي، فضلا عن تفعيل دور تكنولوجيا المعلومات والاتصال في تمويل التعليم العالي.
وناقش المشاركون في هذا الإطار مجموعة من مواضيع منها « التعليم العالي العربي الواقع والتحديات »، و »تمويل التعليم العالي في الوطن العربي: تشخيص ومقارنات »، و »سبل تطوير نظم التمويل في الدول العربية »، و »حوكمة تمويل في مؤسسات التعليم العالي »، و »أثر توظيف التقنيات الحديثة في تمويل التعليم العالي ».