هل دخل قطاع التعليم الخاص بالمغرب في أزمة؟ هذا ما يظهر من التحركات التي تقوم بها «رابطة التعليم الخاص بالمغرب» التي تضم 1200 مؤسسة تعليمية خاصة في كافة التراب الوطني، والتي كشفت عن تضررها من قرار توظيف 11 ألف أستاذ بالتعاقد، من طرف وزارة التربية، حيث تبين أن 2000 منهم كانوا أساتذة مرتبطين بعقود في مدارس خاصة، مما خلق أزمة داخل هذه المدارس. وفي هذا الصدد قال عبد الهادي الزويتن، رئيس الرابطة، لـه إن الرابطة أيدت التوظيف بالتعاقد لحوالي 11 ألف أستاذ وأستاذة، لكن تنفيذ القرار تم بشكل «أضر بقطاع التعليم الخاص». وزارة التربية الوطنية اختارت 2000 أستاذ وأستاذة يعملون في القطاع الخاص، من ضمنهم مدراء ضمن لائحة الـ 11 ألفا، وهؤلاء غادروا مدارسهم والتحقوا منذ بداية يناير بالتعليم العمومي. ويتابع الزويتن قائلا، إن «عدد من المدارس لجأت إلى القضاء ضد الأساتذة الذين غادروا دون إشعار، ودون احترام شروط العقد». ويرى أرباب التعليم الخاص أنه كان على وزارة التربية الوطنية أن تحترم العقود المبرمة بين الأساتذة والمدارس الخاصة. ويتساءل الزويتن «إذا كان مدير الأكاديمية هو الذي يرخص لمدير المدرسة الخاصة بتولي إدارتها ويشترط عليه عدم مغادرتها إلا بعد إنهاء الموسم الدراسي، فكيف لمدير الأكاديمية نفسه أن يعين المدير السابق ذاته في التعليم الخاص في منصب أستاذ متعاقد مع الوزارة؟». وأضاف الزويتن أن أرباب التعليم الخاص سبق أن اتفقوا مع وزارة التربية على عدم المساس بالموارد البشرية لقطاع التعليم الخاص، لكن الوزارة لم تلتزم بالاتفاق.
مصدر من وزارة التربية الوطنية قال إن مباراة التعاقد كانت مفتوحة في وجه كل من تتوفر فيه الشروط، ولم يكن ممكنا إقصاء أي أحد منهم، لكنه أشار إلى أن الوزارة اشترطت على من اجتازوا المباراة توقيع التزام بشرف، بأنه لا يربطهم أي عقد سار، وهو ما قاموا به. وأخلى المصدر مسؤولية وزارة التربية قائلا: «إذا كان أرباب التعليم الخاص يرون أن بعض الأستاذة المتعاقدين معهم أخلوا بالعقد المبرم معهم، فيمكنهم اللجوء إلى القضاء». ومن جهة أخرى، نفى المصدر ذاته أن تكون الوزارة التزمت بعدم قبول من لهم عقود في القطاع الخاص.
من جانب آخر يصل عدد التلاميذ في القطاع الخاص إلى مليون تلميذ من أصل 7 ملايين تلميذ بالمغرب. وبلغ عدد المدارس الخاصة أزيد من 4000 مدرسة في كافة التراب الوطني، معظمها يتركز في محور القنيطرة الجديدة.
وبالإضافة إلى موضوع التعاقد الذي بات يقلق أرباب التعليم الخاص، فإن ما يعمق أزمة التعليم الخصوصي، هو قرار منع تشغيل أساتذة التعليم العمومي في القطاع الخاص، والذي سينفذ ابتداءً من سنة 2018، وهنا يقول الزويتن، «أخذوا منا 2000 أستاذ ومدير، ومنعونا من التعامل مع أساتذة التعليم العمومي. إنهم يريدون قتل التعليم الخاص». لكن نقطة واحدة إيجابية قد يستفيد منها التعليم الخاص، هي التقاعد النسبي لـ 8000 أستاذ عمومي، ما يوفر موارد بديلة للمدارس الخاصة، وهو العدد نفسه الذي يُرجح أن يغادر التعليم العمومي نهاية السنة الدراسية الحالية.
هناك نقطة ثانية تقلق أرباب التعليم الخاص، وتتعلق بالضرائب. فمنذ مايو 2008، في عهد حكومة إدريس جطو، تم اتفاق مع أرباب التعليم الخاص على وضع إطار تشريعي ضريبي خاص بالتعليم الخاص، «لكن هذا لم يتحقق»، يقول الزويتن. لحد الآن تطبق الضريبة على الشركات على مؤسسات التعليم الخاص، التي تتخذ في معظمها شكل شركات، لكن المراجعات ضريبية تغضب أرباب التعليم الخاص. ففي مدينة بركان، وصلت مراجعة ضريبية لأحد المدارس إلى مليار و50 مليون سنتيم، يقول الزويتن.
من جهة أخرى، فإن أرباب التعليم الخاص غاضبون من طريقة تدبير وزارة التربية الوطنية لموضوع تفويت عدد من مؤسسات التعليم العمومية إلى الخواص. وحسب الزويتن، فإن المشروع الذي أطلق عليه اسم «المدارس الشريكة»، ويهم تفويت 280 مؤسسة تعليمية إلى الخواص «يفتقد للشفافية». وما تم حصره قال الزويتن: «ندعو إلى إعلان دفاتر تحملات ووضع شروط معقولة حتى لا يدخل الإقطاعيون إلى هذا المجال»، مضيفا أن «صمت وزارة التربية عن تفاصيل هذا المشروع يثير الريبة والشك».
أما بخصوص قرار السلطات إغلاق «مدارس الفاتح»، التي لها علاقة بالداعية التركي المثير للجدل فتح الله غولن، فقد قال الزويتن، إن رابطة التعليم الخاص بالمغرب: «ضد فتح الباب للاستثمار الأجنبي في التعليم بالمغرب»، لكن في الوقت نفسه رابطة التعليم الخاص، «ضد إغلاق هذه المدارس بهذه الطريقة التي تهدد التلاميذ». وبخصوص البعثات الأجنبية، التي تمارس في إطار اتفاقيات، فإن أرباب التعليم الخاص يدعون وزارة التربية إلى مراقبة تنفيذ الاتفاقيات الخاصة بتعليم البعثات، والتي تنص على أن هذه البعثات موجهة لأبناء الأجانب وأن نسبة محدودة هي التي تخصص للمغاربة. ويتابع الزويتن قائلا: «إن الواقع يظهر أن أكثر تلاميذ البعثات من المغاربة».
للإشارة دعت الرابطة إلى عقد جمع عام استثنائي السبت المقبل في الدار البيضاء لمناقشة كل هذه القضايا، معتبرة في بلاغ لها أن «قطاع التعليم المدرسي يعيش هذه الأيام أوضاعا غير مستقرة تسببت للفاعلين فيه بالتذمر وعدم الرضا بلغ حد الاحتقان».
عن موقع اليوم 24