في خضمِّ تزايد إقبال المغاربة على تدريس أبنائهم في مدارس القطاع الخاص، باعتبار أنَّ جودة التعليم بها أفضل من نظيرتها في مدارس التعليم العمومي، وتفتح آفاقا أرحبَ للتلاميذ، بالنظر إلى النقط المرتفعة التي يحصلون عليها؛ فإنّ طريقة احتساب النقط في هذه المدارس تثير أكثر من علامة استفهام.
فإذا كانت النقط التي يحصل عليها تلاميذ المؤسسات التعليمية الخاصة مرتفعة، فإنّها قدْ لا تعكس المستوى المعرفي والتكويني الحقيقي لهؤلاء التلاميذ. وحسبَ إفادة أستاذ يُدرّس في مؤسسة تعليمية خاصة في مدينة الرباط، فإنَّ « النَّفخ » في النقط في المدارس الخاصة « باتَ قاعدة أساسية عند الغالبية العظمى من المؤسسات ».
وأوضح المصدر، أنَّ إدارات عدد من المؤسسات التعليمية الخاصة ترفُض أيّة نقطة تُمنح للتلاميذ من لدن الأساتذة أقلَّ من 10 على 20؛ مضيفا أنّ « النفخ » في النقط يكثر في الأقسام الإشهادية، خاصة الثالثة إعدادي والثانية باكالوريا.
وتُبرز نماذج من نتائج تلاميذ إحدى المؤسسات التعليمية الخاصة في العاصمة الرباط وجودَ تفاوُت كبير جدا بين نقط المُراقبة المستمرة التي حصل عليها التلاميذ وبين النقط التي حصلوا عليها في الامتحان الموحد؛ ذلك أنه في المراقبة المستمرة يحصلون على نقط تتراوح بين 11 إلى 16 على 20، بينما لم تتجاوز في الامتحان الموحد 8 على 20 في أحسن الحالات.
ومن بين نماذج هذا التفاوت الكبير تلميذ حصل على نقطة 15.03 على عشرين في المراقبة المستمرة في إحدى المواد، وفي الامتحان الموحد لم يحصل سوى على 4 على 20 في المادة نفسها. في نتيجة أخرى، تظهر « السريالية » في منْح النقط لتلاميذ مؤسسات التعليم الخاص، إذ حصل تلميذ على نقطة 17.5 على 20 في المراقبة المستمرة، بينما لم يحصل سوى على نقطة 1 على 20 في الامتحان الموحد.
وفيما تعجُّ خانة نقط المراقبة المستمرة في النتائج التي اطلعنا عليها بنُقط مرتفعة جدا تتراوح بين 12 على 20 وبين 18 على 20، فإنَّ خانة ملاحظات الأساتذة في الامتحان الموحّد تحفل بملاحظات مثل « عمَل دون المستوى ».. « عمل ضعيف جدا ».. وهو ما يدلُّ على أنّ النقط التي يحصلون عليها في المراقبة المستمرة لا يعكس المستوى الدراسي الحقيقي، الذي ينفضح حين يجد التلميذ نفسه وحيدا أمام ورقة الامتحان الموحد.
ويَعتمد التقويم في السنة الثالثة إعدادي، حسب المصدر الذي تحدث إلينا، على مُعدّل المراقبة المستمرة التي تحسب بنسبة 30 في المائة، ومعدل الاختبار الموحد المحلي للدورة الأولى، والذي تعطى له نسبة 30 في المائة، ثم 40 في المائة للاختبار الموحد الجهوي للدورة الثانية، موضحا أنه يتم « النفخ في كل المواد التي تجري فيها المراقبة المستمرة والاختبار الموحد المحلي حتى لا يرسب المتعلم في آخر السنة الدراسية ».
وبالنسبة إلى السنة الثانية باكالوريا، يُردف المتحدث ذاته، فالنفخ في النقط يكون في جميع المواد، مُبرزا أنه لا تقبل من الأستاذ نقطة أقل من 16 على 20، كما يتمّ « التخفيف » على التلميذ، إذ لا تُدرَّس له المواد التي لا يُمتحن فيها في الباكلوريا، والتي تكون المراقبة المستمرة فيها عند مؤسسات تعليمية خاصة عبارة عن فروض منزلية أو فروض شكلية غير محروسة داخل الفصل، حتى يتمكن التلميذ من الحصول على نسبة الـ25 في المائة المخصصة للمراقبة المستمرة في عملية التقويم النهائي بالباكالوريا.
عن موقع هسبريس