أنهى مشروع التقرير الاستراتيجي للمجلس الأعلى للتربية والتكوين، والبحث العلمي، الجدل القائم حول لغة التدريس التي يجب اعتمادها في المدرسة المغربية، وذلك ضمن رؤيته الاستراتيجة بين 2015 و2030، منصصا على إجبارية تدريس أربعة لغات، في مقدمتها العربية والأمازيغية والفرنسية، والانجليزية بداية من السنة الرابعة.
ففي المرحلة الابتدائية دعا مشروع التقرير إلى إلزامية اللغة العربية، في جميع المواد، في حين نص على اعتماد الأمازيغية لغة إحبارية، مع التركيز على الكفايات التواصلية في السنتين الأولى والثانية، وإدراج الاستعمال الكتابي فيما تبقى من هذا السلك.
أما على مستوى الفرنسية في هذا السلك، فقد أوصى المجلس في مشروع تقريره الاستراتيجي بإلزاميتها اعتبارا لكونها لغة مدرسة، مشددا على أهمية إدراج اللغة الانجيلزية بداية من مستوى الرابع ابتدائي في أفق نهاية العشر سنوات الجارية، بما يسمح باستكمال توفير المدرسين والعدة البيداغوجية اللازمة لذلك في مستوى الابتدائي.
ودعا مشروع التقرير إلى « مواصلة المجهودات الرامية إلى تهيئة اللغة الأمازيغية لسنيا وبيداغوجيا »، مطالبا بإعداد الكفاءات البشرية والموارد الديداكتيكية لتدريسها، مع الأخذ بعين الاعتبار المقتضى الدستوري الذي ينص على سن قانون تنظيمي يحدد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات ادماجها في مجال التعليم، وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، مع تأكيده على ضرورة « إنجاز تقييم شامل لتجربة تدريس هذه اللغة في التعليم المدرسي، وكذا لتجربة الدراسات الأمازيغية في التعليم العالي ».
ونص مشروع التقرير على أن « اللغة العربية لغة التدريس الأساس، على أساس تدريس بعض المضامين أو المجزوئات باللغة الفرنسية ابتداء السنة الأولى إعدادي »، مضيفا « الفرنسية والإنجليزية ابتداء من سنة الجذع المشترك من التعليم الثانوي التأهيلي ».
وتهدف الرؤية الاستراتيجية للمجلس، إلى « جعل المتعلم عند نهاية التعليم الثانوي التأهيلي البكالوريا متمكنا من اللغة العربية، وقادرا على التواصل باللغة بالأمازيغية »، مؤكدا على ضرورة إتقانه « للغتين أجنبيتين على الأقل »، قبل أن يشدد على ضرورة « إعطاء الأولوية للدور الوظيفي للغات المعتمدة في ترسيخ الهوية، والانفتاح الكوني ».
مشروع التقرير وبعدما دعا إلى « تمكين أطر التدريس والتكوين والبحث من تكوين مزدوج اللغة، مع التقيد التام في التدريس باستعمال اللغة المقررة دون غيرها من الاستعمالات اللغوية »، طالب بمراجعة « عميقة لمناهج وبرامج تدريس اللغة العربية، وتجديد المقاربات البيداغوجية والأدوات الديداكتيكية المعتمدة في تدريسها، والسهر على المزيد من تهيئة هذه اللغة في أفق تعزيز تحديثها وتنميتها وتبسيطها ».
واعتبر المجلس أن تحديد وضع كل لغة على حدة داخل المدرسة بوضوح، يعد عاملا حاسما في تطوير تدريس اللغات والتدريس بها، مشيرا أن « التمكن من اللغات، عبر تعلمها والتدريس بها بفرص متكافئة، يشكل رافعة أساسية لتعزيز جودة التربية والتكوين، وتحسين مستوى التحصيل الدراسي ».
وعلى مستوى التعليم العالي دعا مشروع التقرير إلى ضمان تنويع الخيارات اللغوية في المسالك والتخصصات والتكوينات والبحث، وفتح مسارات لمتابعة الدراسة باللغات العربية، الفرنسية، الإنجليزية، والإسبانية، في إطار استقلالية الجامعات، وحاجيات التكوين والبحث لديها، ومراعاة متطلبات الجهوية.
وأكد المشروع على ضرورة تشجيع البحث العلمي والتقني بمختلف تخصصاته باللغة الإنجليزية، مع إحداث مسالك تكوينية ووحدات للبحث المتخصص في اللغتين العربية والأمازيغية، وفي اللغات الأجنبية، مطالبا بإدراج التكوين في كفايات التواصل بالعربية وبالأمازيغية في مؤسسات تكوين الأطر، وكذا إدراج وحدة مدرسة باللغة العربية في المسالك المدرسة باللغات الأجنبية في التعليم العالي، بالنسبة للمغاربة.
ودعا المشروع في هذا السياق إلى « مراجعة مناهج وبرامج تدريس اللغات الأجنبية وتنويع لغات التدريس، على أساس تدريس بعض المضامين بإحدى اللغات الأجنبية، لتقوية التمكن من الكفايات اللغوية لدى المتعلمين، وتوفير سبل الانسجام في لغات التدريس بين أسلاك التعليم والتكوين ».
وجدد مشروع التقرير الاستراتيحي التأكيد على ضرورة « مواصلة سيرورة تهيئة اللغة الأمازيغية التي أطلقها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية »، ومطالبا « بتفعيل أكاديمية محمد السادس للغة العربية ».
وفي هذا الاتجاه دعا المشروع إلى « الإسراع بتفعيل المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية المنصوص عليه دستوريا، باعتباره الفضاء الأمثل للاضطلاع على وجه الخصوص، بحماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية »، موصيا بضرورة « أن يضم جميع المؤسسات المعنية بهذه المجالات ».
عن موقع هسبريس