تبنت وزارة التربية الوطنية استراتيجية وطنية للتكوين المهني، على المدى المتوسط، لضمان الحق في التكوين المهني وتحقيق الاندماج الاجتماعي والترابي، ووضع المقاولة، كفضاء متميز للتكوين، في صلب جهاز التكوين المهني.
وتتوخى الاستراتيجية الوطنية الرفع من الإدماج المهني عبر التحسين المستمر لجودة التكوين، وإدماج التعليم العام والتكوين المهني من أجل جاذبية أفضل وتمكين الشباب من التعبير عن ميولاتهم، بالإضافة إلى تعزيز حكامة السياسة العمومية في ميدان التكوين المهني.
كما أن هذه الاستراتيجية الوطنية، التي تلتقي في عدد من أهدافها مع إصلاح منظومة التربية والتكوين 2015-2030 المعتمدة من طرف المجلس الأعلى للتربية والتكوين، تروم ضمان التكوين للجميع في كل مكان ومدى الحياة، عبر فتح نظام التكوين بشكل أوسع في وجه مختلف الفئات، كما تولي أهمية قصوى للمنحدرين من الوسط القروي والأحياء المستهدفة ببرامج المبادرة الوطنية للتنمية البشرية.
وستعمل الوزارة، وفق ما كشفت عنه، على تسهيل ولوج مراكز التكوين المهني العمومي للمنحدرين من الأسر محدودة الدخل، بالإضافة إلى تحمل الدولة مصاريف تكوينهم بمؤسسات التكوين المهني الخاصة، فضلا عن توسيع التكوين المستمر ليشمل فئات جديدة من الأجراء.
ويولي التكوين المهني أهمية خاصة لتطوير الكفاءات التقنية والكفاءات الأساسية بإدراجها ضمن برامج التكوين المهني الأساسي والتكوين المستمر، وسيمكن إرساء الدلائل المرجعية للمهن والكفاءات من تعزيز تتبع تطور سوق الشغل والتكوين، بهدف تقوية قابلية التشغيل لدى الشباب وتعزيز حس المواطنة وتطوير تشبعهم بروح المقاولة والمبادرة الحرة.
وفي إطار اندماج التكوين المهني والتعليم العام، تتجه الاستراتيجية الوطنية للتكوين المهني 2021 نحو إرساء ميكانيزمات لتحفيز الترقي الأكاديمي والاجتماعي والمهني للأفراد مدى الحياة. أما على مستوى الحكامة، فستعمل الاستراتيجية على تعزيز ومأسسة المقاربة التشاركية لحكامة نظام التكوين المهني، التي ستقوم على تقوية دور الشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين.
الاستراتيجية تركز أيضا، وبالقدر نفسه، على أن تكون هذه الحكامة متعددة المستويات، وتلعب فيها الجهة دورا مهما، إلى جانب المهنيين، في تحديد الحاجيات من التكوين على المستوى الجهوي وإعداد الخرائط التوقعية لغرض التكوين، زيادة على إرساء نظام عادل وشفاف لتخصيص الموارد المرصودة لتمويل التكوين المهني.
وعن هذه الاستراتيجية، قال حنافي جواد، الباحث التربوي، إن نية وزارة التربية الوطنية دمج التعليم العام والتكوين المهني، مع تثمينه، في مسار العملية التعليمية التعلمية، يستحق التنويه لأهميته؛ إلا أن المُشكلَ هو تنزيله ذلك وتفعيله، ليتحوّل إلى مُبادرة ناجعة.
وأفاد حنافي، في تصريح لجريدة هسبريس، بأن وزارة التربية الوطنية أوردت، في التدابير ذات الأولوية، أن تحسيس تلاميذ التعليم الابتدائي سينطلق تجريبه على أساس إدماج مضامين « اكتشاف المهن » في السنتين الأخيرتين من هذا السلك، ويتعلق الأمر بإرساء سلك من ثلاث سنوات في الإعدادي، يرتكز على التكوين المزدوج (التعليم العام والتكوين المهني)، ويمتد مشروع الوزارة إلى السلك الثانوي التأهيلي.
ويرى الباحث في البيداغوجيا والتربية أن مشاريع الوزارة ممتازة على مستوى الورق والتنظير، وإن كان في معظمه مؤجلا أو تجريبيا أو مسبوقا له في المخطط الاستعجالي، كما أعرب حنافي عن خشيته من أن تبقى هذه المبادرات معلقة إلى أجل غير مسمى، خاصة أن الوزارة تقف مكتوفة الأيدي أمام الاكتظاظ ،ومشاكل كثيرة تعترض المدرسة المغربية، مشددا على أن مقاربة الوزارة اليوم تتمحور حول « تدبير الأزمة بالموجود، دون التخطيط للتوظيف من أجل حل مشكل الخصاص المُهول في كل شيء » وفق تعبيره.
عن موقع هسبريس