أعلن الوزير المنتدب لدى وزير التربية الوطنية والتكوين المهني، خالد البرجاوي، أن « الحكومة ستمكن طلبة التكوين المهني من المنحة، وذلك على شاكلة طلبة الجامعات والمعاهد الكبرى؛ بهدف تشجيع التلاميذ على ولوج مؤسساته ».
ويأتي هذا القرار الذي يرتقب أن يدخل حيز التنفيذ مع الدخول المدرسي المقبل، حسب الوزير ذاته، بعد « التوجيهات التي خص بها عاهل البلاد الحكومة، والمواطنين، بضرورة تغيير الصورة النمطية والسلبية تجاه مؤسسات التكوين المهني ».
وقال الملك في آخر خطاب للعرش: « إن بعض المواطنين لا يريدون التوجه إلى التكوين المهني لأنه في نظرهم ينقص من قيمتهم، ولا يصلح إلا للمهن الصغيرة، بل يعتبرونه ملجأ لمن لم ينجحوا في دراستهم »، مؤكدا على « ضرورة التوجه إلى هؤلاء المواطنين من أجل تغيير هذه النظرة السلبية ».
وبالتزامن مع المبادرة الحكومية التي أعلن الوزير المنتدب برجاوي موافقة رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران عليها، يطرح السؤال حول ما إذا كانت المنحة ستجعل التلاميذ المغاربة، من غير الذين « فشلوا » في التعليم النظامي، يتوجهون إلى مؤسسات التكوين المهني.
مصطفى تاج، الكاتب الوطني للشبيبة المدرسية، يرى في تصريحات له أن « قطاع التكوين المهني ظل على هامش النقاش الحكومي »، مسجلا أنه « بالرغم من وجود وزارة للتربية الوطنية والتكوين المهني، إلا أن القطاع الأول يستحوذ على كل الاهتمام، في الوقت الذي يعرف قطاع التكوين تهميشا كبيرا ».
واستغرب الفاعل الجمعوي كون « أغلب التوصيات التي جاءت في الميثاق الوطني للتربية والتكوين لم تجد طريقها إلى التنفيذ »، موضحا أن « ما تم العجز عنه في الوثيقة الأولى جاء المخطط الاستعجالي لتصحيح، لكن هذا الأخير تم إقباره هو الآخر، مما جعل القطاع يعيش تخبطا غير مسبوق ».
« هذا القطاع الذي يستوعب آلاف التلاميذ الذين تم فصلهم من المدرسة، لأنهم لا يجدون أنفسهم في التعليم النظامي، يجب أن يحظى بعناية كبيرة تتجاوز المنحة »، يقول تاج، الذي نبه إلى أن « بعض التلاميذ لا يتجاوز عمرهم 15 سنة وتم طردهم من المدارس، مما دفعهم إلى التباري على ما يخصص من مقاعد في التكوين المهني على قلتها »، مضيفا أن « العدد الكبير ممن طردوا من المدرسة يجدون أنفسهم في الشارع، لذلك لابد من استثمار قطاع التكوين المهني وربطه بسوق الشغل ».
ونبه المتحدث نفسه إلى أن « التكوين المهني يجب أن يحتوي هؤلاء التلاميذ »، مبديا أسفه لكون « الحكومة ليست لها إستراتيجية واضحة في هذا المجال »، وداعيا إلى « تشكيل لجنة بين وزارية لتحديد الحاجيات في جميع القطاعات، تكون مهمتها وضع التكوينات الأساسية ».
وجوابا على سؤال الجريدة حول ما إذا كانت المنحة التي وعدت الحكومة بها ستحل إشكالية التكوين المهني، أوضح تاج أن « المفروض في المنحة أن توفر لجميع الطلبة، بناء على العوز والحالة الاجتماعية، والاستحقاق »، مطالبا بضرورة « تعميمها في جميع القطاعات، والرفع من قيمتها ».
وقال تاج: « المنحة أمر جيد، لكن السؤال المحرج هو ماذا نريد من التكوين المهني؟ »، محذرا من كون « التعاطي اليوم مع التكوين يتم بالاستجابة لحالة الطوارئ المفروضة من طرف بعض الشركات الخارجية التي تستثمر في المغرب »؛ « لذلك فالمغرب محتاج لإستراتيجية واضحة في هذا المجال، على شاكلة حقوق الإنسان، للتنسيق بين القطاعات »، يختتم الكاتب العام للشبيبة المدرسية تصريحه لهسبريس.
وكان الملك محمد السادس قد أكد في خطاب العرش على ضرورة الانتقال من التعليم الأكاديمي التقليدي إلى تكوين مزدوج يضمن للشباب الحصول على عمل، على اعتبار أن التكوين المهني قد أصبح اليوم قطب الرحى في كل القطاعات التنموية.
ودعا الملك إلى تعزيز معاهد التكوين في مختلف التخصصات، في التكنولوجيات الحديثة، وصناعة السيارات والطائرات، وفي المهن الطبية، والفلاحة والسياحة والبناء وغيرها، وتوفير تكوين مهني متجدد وعالي الجودة، ولاسيما في التخصصات التي تتطلب دراسات عليا، معربا عن ارتياحه للمستوى المشرف الذي وصل إليه المغاربة في مختلف التخصصات المهنية.
عن موقع هسبريس