في عتمة التقارير الدوليَّة التي تشخصُ واقعَ التعليم بالمغرب، حملَ التقريرُ الأخير لليونيسكُو حول تمدرس الأطفال، تثمينًا لما بذلته المملكة في محاربة الهدر المدرسي، وإنْ كان لا يزالُ الشيءُ الكثير ماثلا أمامها، بعدمَا استطاعَت أنْ تخفضَ نسبة الساكنة غير المتمدرسة، المفترض وجودها في فصول التحصيل، بـ96 في المائة.
تقريرُ اليونيسكُو، الصادر حديثًا، أشاد بالقرار الذي اتخذهُ المغرب لإدماج اللغة الأمازيغيَّة في التعليم منذُ 2003، معتبرًا إيَّاه ذا دور في مساعدة الأطفال عبر لغتهم الأم، فيما تراجعَ عدد الأطفال المغاربة الذين لمْ يتمدرسُوا على الإطلاق، منْ 9 بالمائة في 2003 إلَى 4 في المائة، سنةَ 2009.
وإنْ كانت بعض الدول السائرة في طريق النمو، قدْ أحزرت تقدمًا ملحوظًا في محاربة الهدر المدرسي، فإنَّ عددًا كبيرًا من الأطفال لا يزالُون خارجَ مقاعد الدراسة، حيثُ تقول أرقامُ اليونيسكُو إنَّ ما يربُو على 58 مليون طفلٍ حول العالم، تتراوحُ أعمارهم بينَ 6 وَ11 سنة لا يتمدرسُون، كما أن عددا كبيرا منهم لن يجد الفرصة مستقبلًا للولوج إلى المدرسة.
ويشكلُ الأطفال في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء المجموعة الأكبر من الأطفال غير المتمدرسين حول العالم، بمناهزتهم 30 مليونًا، ما بينَ عامَي 2007 وَ2010، في الوقت الذِي استطاعت فيه منطقة جنوب وشرق آسيا أنْ تحقق تقدمًا مهمًّا، عبر تقليص الأطفال غير المتمدرسين منْ 34 مليونا في 2000 إلَى 10 ملايين فِي 2012، مع محو الفوارق بين الجنسين أكثر فأكثر.
إزاء التقدم الحاصل عالميًّا في ولوج الأطفال إلى المدارس، يبرزُ مشكلٌ آخر حسب تقرير اليونيسكُو، ممثلا في الهدر المدرسي، حيث إنَّ من يتابعُون دراستهم حتى آخر سنة في مرحلة الابتدائي لمْ يتقدم بصورةٍ ملحوظة.
وإذا كان135 مليون طفل قدْ التحقُوا بالمدارس سنةَ 2012، فإنَّ حواليْ 34 مليونًا منهم سيغادرون مقاعد الدراسة قبل أنْ يصلُوا إلى الفصل النهائي في المرحلة الابتدائيَّة. ليصلَ بذلك معدل من ينقطعُون بشكلٍ مبكر عن الدراسة إلى 25 بالمائة.
ويميزُ تقريرُ اليونيسكُو بين مجموعاتٍ ثلاثٍ من الأطفال؛ أولها تتألفُ ممن سبقَ لهمْ أنْ ولجُوا إلى المدرسة لكنهمْ غادروهَا مبكرًا، ومجموعة ثانية منْ أطفالٍ لمْ يلجوا إليها بعد، فيما المجموعة الثالثة مكونة من أطفال لا أملَ لهمْ مستقبلًا في أنْ يتغير وضعهمْ ويستفيدُوا من الدراسة.
وتبعًا لتقسيم اليونيسكُو الثلاثي، فإنَّ الملايين الـ58، من الأطفال غير المتمدرسين اليوم؛ تتشكلُ في 23 بالمائة منها ممن تمدرسُوا لكنهم انقطعُوا، زيادةً على 34 بالمائة من الأطفال لا ينتظر أنْ يلجُوا المدرسة على المدى القريب، في حين لنْ يكون بمقدور 43 بالمائة، أنْ يدخلُوا المدرسة في أيِّ حالٍ من الأحوَال.
عن موقع: هسبريس